التصوف ********

التصوف
********

نشأ التصوف من الوحي السماوي إذ هو بلا شك مقام الإحسان الذي هو أحد أركان الدين الثلاثة والذي قال فيه النبي صل الله عليه وسلم :
هذا جبريل عليه السلام أتاكم يعلمكم دينكم وهو الإسلام والإيمان والإحسان فالإسلام طاعة وعبادة ، والإيمان نور وعقيدة ، والإحسان مقام المراقبة والمشاهدة " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك " .
أسس التصوف :
*********
التصوف علم جليل الشأن عظيم القدر وهو الدواء الذي يشفى صاحبه من أمراض النفس والمنهاج الذي يزكى النفس ويصفى الروح وهو مرآة الحياة التي قوامها التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل لتزكو النفس وتسمو الروح بالإقتداء بالنبي صل الله عليه وسلم وأصحابه الكرام ..... ومن أهم مقاصده خمسة أمور وهى :
1- صفاء النفس ومحاسبتها
2- قصد وجه الله
3- التمسك بالفقر والافتقار
4- توطين القلب على الرحمة والمحبة
5- التجمل بمكارم الأخلاق التى بعث الله النبى صل الله عليه وسلم لإتمامها

القاعدة الأولى : صفاء النفس ومحاسبتها :
****************************
ومعناها أن كل من أراد أن يدخل فى سبيل المقربين فعليه أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسبه الله ويزن أعماله قبل أن توزن بقسطاس الآخرة ويصفى نفسه من شوائبها ووساوسها .
قال سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه : " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا " .

القاعدة الثانية : قصد وجه الله :
*********************
ومعناها أن المتصوف لابد أن يقصد وجه ربه فى جميع أقواله وأفعاله غاسلاً قلبه بماء الإخلاص قال تعالى : " وأصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه " الكهف 28
وقال رب العزة : " وما لأحد من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى " سورة الليل 19

القاعدة الثالثة : التمسك بالفقر والافتقار :
****************************
ومعناها الزهد فى الدنيا ومتاعها عزوفاً بالنفس عما يلهيها ويشغلها فإن التمسك بالفقر دليل التقشف الذي هو الآلة القاطعة حبل الوصال بين العبد والشيطان فتتأهل النفس بالعبادة الخالصة فتصعد بهمم الإنسان نحو الروحانية .

القاعدة الرابعة : توطين القلب على الرحمة والمحبة :
************************************
ومعناها أنه يجب على كل صوفي أن يلزم محبة كل المسلمين ويعطيهم حق الإسلام من التعظيم والتوقير فإن رسخ فى هذه القاعدة واستقام فى التدريب عليها أفاض الله عليه أنوار الرحمة وأذاقه حلاوة الرضي وألبسه ثوب القبول فينال مما ورثه النبيون من المحبة والرضي حظاً وافرا .
قال سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه : " لا تحقر أحداً من المسلمين فإن حقير المسلمين عند الله كبير " .

القاعدة الخامسة : التجمل بالأخلاق التى بعث بها النبى صل الله عليه وسلم لإتمامها :
**********************************************************
وهذه القاعدة حقيقة أخلاق الصوفيين وذلك بأن يكون العبد هيناً ليناً مع أهل بيته وعشيرته وجميع المسلمين قال الله تعالى : " قولوا للناس حسناً " البقرة 83
إذ أن الله تعالى يعامل عبده فى وصفه وخلته وفى الحديث القدسي يا أبن آدم مرضت فلن تعدنى قال : " يارب كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟ قال : أما علمت أن عبدى فلان مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدنه لوجدتني عنده .. يا أبن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال : يارب كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟ قال : أستطعمك عبدى فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندى ؟ ... يا أبن آدم استسقيتك فلم تسقنى ، قال : يارب وكيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟ قال : استسقاك عبدى فلان فلم تسقه أما علمت أنك لو أسقيته لوجدت ذلك عندى " أخرجه مسلم
ذلك هو الحديث القدسي الذى جمع محاسن الأخلاق وجميل الصفات بين الناس وهو القانون الإلهي الذى سلك منهاجه رجال فى حياتهم الدنيوية والعملية فمن رسخت قدمه منهم فى هذه المقامات صارت أحواله ومعاملاته مع الرب فى كل شئ فلا يراقب غير الله تعالى فى حركاته وسكناته .